Physchologie/Philosophie - Philosophie du monde arabe
Physchologie/Philosophie - Philosophie du monde arabe
موسى وهبة... فيلسوف «العربية » 2/6
يُحلل هذا المقال أسباب غياب الفلسفة العربية الأصيلة، ويُشير إلى أهمية الترجمة في تأسيس قاعدة معرفية ضرورية للتفلسف، ويُؤكد على أن الفلسفة لا تقتصر على تفسير العالم بل تسعى إلى تغييره. كما يُناقش المقال الحاجة إلى فهم معنى الفلسفة بشكل صحيح، بعيدًا عن الإيديولوجيا والقومية.
Salwa FADEL
الراحل موسى وهبة، الفيلسوف والمترجم، يُعد أول من تحدّث بإمكانية القول الفلسفي بالعربية. وقد نقل عنه قول إن الفيلسوف الوحيد المُمكن بالعربية اليوم هو المترجم. ويعود تبرير هذا القول إن المترجم، هو فيلسوف في الوقت نفسه، إلى أنه من الممكن أثناء عمله على ترجمة النص الفلسفي من لغته الأصلية أن يبتكر فلسفته الخاصة.
سرّ العقم الفلسفي لدى العرب
ويعود سرّ العقم الفلسفي لدى العرب إلى غياب المادة، فلا يوجد نصّ فلسفي يُبنى عليه، وهناك عدد من المفكرين الذين كتبوا الفلسفة بالمعنى المقصود مثال ـيوسف كرم في كتابه "العقل والطبيعة"، وزكي نجيب محمود في كتابه "نحو فلسفة علمية"، وعبد الرحمن بدوي في كتابه "الزمان الوجودي"، إلا أن المشكلة تكمن في أن هؤلاء الفلاسفة كانوا تلامذة، فيوسف كرم ترجم وكتب تاريخ الفلسفة اليونانية وتاريخ الفلسفة الوسيطة وتاريخ الفلسفة الحديثة وكتب كتاب "العقل والطبيعة" وهو كتاب فلسفي مبنيّ على "التوماوية"، أي أنه لم يبتدع ولم يحدث انعطافاً في التفكير، أما زكي نجيب محمود فقد تابع الوضعية المنطقية ولم ينتج شيئاً جديداً، وعبد الرحمن البدوي الذي انتسب إلى الوجودية لم يخترع.
لذا، الترجمات لا تُنتج فلاسفة، فمن شروط وجود الفلاسفة أن تكون الترجمات موجودة، إذاً، هو شرط مانع وليس جامعاً. لن يظهر فيلسوف من دون أن تترجم. من الممكن أن يخلق إنسان لكن ليس بفيلسوف. ليس هناك اليوم فلاسفة كبار، فمن يُعلّم البشرية أن تفكر بطريقة أخرى هم على عدد أصابع اليد.
ليس في اللغات الحيّة كالإنكليزية والفرنسية والألمانية، والاسبانية والروسية، ما يشي بالابداع الفلسفي، لعلها سمة العصر. فهذه اللغات استنفذت من المعاني، استنفذها العقل المفكر بها وولدها المعاني الممكنة.
مما يدعونا لأن نجرب استيلاد لغتنا التي لم تستنفد بعد أفكاراً جديدة وطرائق جديدة في التفكير. فالاهتمام بالترجمة هدفه التمهيد لهذا التفكير بطريقة أخرى، ويجب في الدرجة الأولى أن نترجم الفلاسفة الكبار ونتفق على نسق وسياق متقارب وليس بالضروري موّحداً. ويشدد وهبة على أن الفلسفة هي أن نفكر بطريقة أخرى، فنحن أحوج ما نكون كعرب إلى أن نفكر بطريقة أخرى.
فعندما أراد ماركس أن يطرح الماركسية كتب "لقد قضى الفلاسفة همهم حتى الآن في تفسير العالم، والمطلوب تغييره". كان همّ ماركس اجتماعياً أكثر منه فلسفياً، كان همه النضال الاجتماعي، حيث أفلت منه المعنى الفلسفي. إذا قلت إن الفلسفة هي تغيير طريقة التفكير، فكل الفلاسفة غيّروا العالم، بل غيّروا طريقة تفكيرنا في العالم وبالتالي تغيّر العالم. فتغيير العالم يعني تغيير طريقة تعاملنا معه. إذا ليس من الصحيح القول إن الفلاسفة اقتصروا على تفسير العالم، بل إنهم على العكس حاولوا تغييره. فهذا التغيير المنشود في طريقة التفكير هو الذي يغير جذرياً العالم، وليس المقصود التغيير الذي من شأنه استبدال نظام سياسي بآخر...
الحاجة إلى الفلسفة
أما القول إننا نحتاج إلى الفلسفة لتحررنا وتنقذنا من الاستعمار فإننا بذلك ندخلها في قضايا جزئية، في حين أن ذلك ليس من وظيفتها، فيكون مثلها كمثل أن نطلب من الطبيب لا أن يُحدد المرض، بل أن يحقن الإبر ويضمّد الجراح، هذا دور الوسطاء أو "شغيّلة" الفلسفة أو "شغيّلة" الاجتماع.
إن أحد الأسباب التي ما زالت تمنع المفكرين العرب من أن يتفلسفوا فعلاً هو أنهم لم يستوضحوا معنى الفلسفة، بمعنى أنهم ما زالوا يعتقدون أن للفلسفة دوراً اجتماعياً، وأننا نريد أن نتفلسف لكي ننهض بالأمة العربية أو بالعرب.
وعلينا أن نستوضح معنى الفلسفة من الفلسفة نفسها ومن التفكير؛ الفلسفة تعمل على التفكير وليس على ماهيّة حاجاتنا، ومن ثم يُحدد التفكير حاجاتنا.
عندما نقول "نحن العرب بحاجة إلى" فهذا الكلام ليس كلاما فلسفياً. الـ"نحن" في الفلسفة تعني نحن البشر جميعاً، فالفلسفة ليست إقليمية، أما عندما نقول فلسفة عربية فذلك باللغة العربية، اهتماماتها ليست عربية، بل إنسانية، وعدم الانتباه لهذه المسألة يوقعنا في الإيديولوجيا والسياسة. فنحن الذين نتكلم العربية نحتاج إلى أن نتفلسف، وليس اهتمامنا بالعربية لخدمة العربية أو للعزة القومية. والدعوة إلى ترجمة الفلسفة إلى العربية غير ناتج عن نزعة قومية أو عرقية، بل لأن في ذلك خدمة للتفلسف نفسه، خدمة للإنسان ومستقبل الإنسانية، فإذا حصرنا أنفسنا في منطقة أو عرق أو مرحلة فنحن بذلك نبحث إيديولوجيّا.